الفكر
الإسلامي
محاوراتٌ
في الدِّين
(محاضرات نخبة من العلماء وعلى رأسهم الإمام محمد قاسم النانوتوي
في معرض
معرفة
الذات الإلهية المنعقد 7/مايو 1876م في «تشاندافور»
بمديرية «شاه جهان
فور» بولاية
أترا براديش ، الهند)
(الحلقة الأولى)
تعريب : الأستاذ محمد
ساجد القاسمي / أستاذ بالجامعة
مقــــدِّمـــــــة
قال
الشاعر الفارسي :
«الشمس
تملأ العالم نورًا وضياءً، والعيون في عمى عنها. والخبر أصبح حَديث المجالس
والنوادي، وفي الآذان وقر عنه»
ارتفعت
نعرةُ التوحيد منذ بدء الخلق ، وما زالت تحيى القلوب وتوقظ النفوس . وظهر دعاة
التوحيد في كل عصر ومصر، إلا أنَّ الذي جهر بكلمة التوحيد في العهد الأخير ودعا
إلى عبادة ربه، وأيقظ الناس من السبات العميق ، يجب الاعتراف بصدقه وحقانيته كما
يجب الإقرار بالتوحيد على كل ذي قلب سليم وعقلٍ مستقيم .
إلا أنَّ بعض العيون تحتاج إلى المنظار ،
وبعض الآذان إلى الصوت العالي ، إذن فلا ينبغي ألا نقدِّم إلى الباحثين والطالبين
ذلك المنظار الروحاني والصوت الرباني الذي أَسْمَعَ الآذانَ ، وكشفَ الغطاءَ عن
العيون ، وأرشد العقول ، وهدى النفوس .
على
هذا فالعبد العاصي الراجي لمغفرة ربه محمد هاشم علي مدير المطبعة الهاشمية بمدينة «ميروت»
ومحمد حيات مدير المطبعة الضيائية يُقَدِّمان إلى طالبي الحق ومحبيه تفاصيل ما جرى
في معرض معرفة الذات الإلهية كاملاً غير منقوصٍ .
واستخدمنا
لتفصيل الإجمال أداة التفسير تقريبًا إلى فهم القراء .
انعقاد
المعرض لمعرفة الذات الإلهية :
أراد
الأسقف «نولس»
الإنجليزي أحد الأساقفة في مدينة «شاه
جهان فور»
والمنشئ «بيارى
لال»
أحد أتباع الفرقة الكبيرية الهندوسية ومن سكان قرية «تشاندافور»
التابعة لمديرية «شاه جهان فور»
أن يعقدا معرضًا لمعرفة الذات الإلهية في قرية «تشاندافور»
الواقعة على شاطئ نهر «غرّا»
على بعد 24 كلو ميترًا من مدينة «شاه
جهان فور»
(بولاية «أترا
براديش»
الهندية) . وذلك في 7/ من مايو 1876م ، وأُعْلِنَ عن المعرض في المناطق كلها .
البحث عن
الدين الحق :
كان
الغرض من وراء عقد هذا المعرض هو البحث عن الدين الحق ، كما كان الهدف من وراء
الإعلان أن يحضر المعرضَ علماءُ كل دينٍ ويقدّموا البراهين والأدلة على حقانية
دينهم .
رسالة إلى
الشيخ محمد قاسم النانوتوي :
أَرْسَلَ
الشيخ محمد منير – المدرس بالمدرسة الحكومية بمدينة «بريلي»
– رسالةً من قِبَل الشيخ إلهي بخش المعروف بـ«الشيخ
رنكين البريلوي»
الذي يعمل نشيطاً ليلَ نهارَ في الرد على المسيحية – إلى الشيخ محمد قاسم
النانوتوي يُخْبِرُه عن الإعلان عن انعقاد المعرض ، ويدعوه للحضور فيه على الميعاد
؛ فرَدّ الشيخ على الرسالة : «إنه
لم يقْطَعْ أمرًا الآن»
إلا أنه أرسل رسالةً إلى الشيخ محمد منير يستفسره عن شأن الحوار و موضع انعقاده .
لم
يتلقَّ الشيخ أيَّ ردٍّ على رسالته ، إلا أنَّ رسالةً وصلت إليه من مدينة «شاه
جهان فور»
تدعوه لحضور المعرض . فما إن تلقَّاها الشيخ حتى خَرَجَ من قريته «نانوته»
ماشيًا على قدميه إلى «ديوبند»
حيث مكث ليلةً، فتوجَّه إلى «مظفر
نغر»
وأقام بها ليلةً، وأخرى بـ«ميروت»
حتى وصل «دهلي».
تلقى الردَّ على رسالته المرسل إليه من قبل الشيخ محمد منير الذي كتب فيه عن الشيخ
عبد الحيى المفتش بمدينة «شاه
جهان فور»
أنه قال: «هذا
خبر لا يُوْثَقُ به فلا حاجةَ للعلماء إلى حضور المعرض».
ففترت إرادته، إلا أنه أخذًا بالحيطة أرسل رسالةً إلى «شاه
جهان فور»
جاء فيها: «مالكم
تدعونني لحضور المعرض وينهاني الشيخ محمد منير؛ فأنا أقدِّم رجلاً وأؤخر أخرى ، فأخبروني
عن الأمر بفصه ونصه».
الرحلة إلى
شاه جهان فور
تلقى
برقيةً كردٍّ على رسالته في 4/مايو وكان فيها: «يجب
حضور هذا المعرض» ثم وصلت رسالة كان
معناها: «أخطأ
الشيخ في خبره. فَاحْضُرْ أنت واستصحب الشيخ السيد أبا المنصور؛ لأنَّ الأسقف «نولس»
الذي هو خطيب سليط اللسان يزعم أنَّ الإسلامَ ليس بشيء بالنسبة إلى المسيحية .
فصحَّت إرادة الشيخ محمد قاسم ، فخرج بعد العشاء في 5/مايو مع أصحابه: الشيخ فخر
الحسن الكنكوهي، والشيخ محمود حسن الديوبندي، والشيخ رحيم الله البجنوري ووصلوا
المحطة كما وصل على الميعاد السيد أبو المنصور رأس المحاورين، ومعه السيد أحمد علي
الدهلوي ، ومير حيدر علي الدهلوي ، فأصبحوا لفيفًا من العلماء وركبوا جميعًا
القطار في الحادية عشرة ، ووصلوا «شاه
جهان فور»
عصر السبت 6/مايو.
بساطة
الشيخ وتواضعه:
أراد
الشيخ أن يُخْفِيَ نَفْسَه بأن يقضي الليلة في الخان ، ويحضر مجلس الحوار صباحًا
مبكِّرًا ؛ فترك الشيخ زملاءَه، واستصحبَ الشيخ محمود حسن وتوجَّهَ إلى المدينة،
وأقام بالخان، وقد بلَغَ خبره ناسًا من المدينة ، فذهبوا إلى الخان ، وأصروا عليه
بأن يذهب إلى المنزل ففعل .
صلّى
الشيخ الفجر وخرجَ إلى «تشاندا
فور»
ماشيًا على قدميه، وكانت الخيام منصوبةً ، وكان الشيخ محمد طاهر المعروف بـ «موتي
ميان»
أحد أمراء مدينة «شاه جهان فور»
ومن أسرة العالم الجليل المعروف الشيخ مدن – الذي كان يحتل منصبًا فخريًّا جليلاً
في المحكمة – مراقبًا من قِبَلِ الحكومة. انعقد مجلس الحوار في مخيمٍ واسعٍ بحيث
وضع فيه مكتب وصُفَّتْ أمامه كراسي في السماطين ، وكان الشيخ موتي ميان حَكَما،
فكتب شروطَ الحوار ، وسجَّلَ الأسئلة والردود عليها ، كما سجَّلَ أمورًا أخرى .
شروط
الحوار :
كان
من شروط الحوار أن يلقى فريقٌ خطبةً على حقانية دينه ، ويقوم فريق آخر يعترض عليه
ويردُّ ، وكانت مدة الحوار يومين ، إلا أنه قبل بدء الحوار بلحظاتٍ أصرَّ الشيخ
محمد قاسم على الأسقف بشرط رضا المنشئ «بيارى
لال»
أن تُوَسَّعَ مدة الحوار إلى ثلاثة أيام ، وأن تكون للخطبة خمس عشرة دقيقةً
وللمناقشة عشر دقائق ، ومالم يُنْهِ رجلٌ خطبتهُ لايقوم آخر يؤيده أو يَرُدُّ عليه
.
أبى
النصارى أن يرضوا :
أراد
الشيخ محمد قاسم أن تُوَسَّعَ مدة الخطبة ، وقال: إنَّ هذه المدة التي تمَّ
تحديدها للخطبة قليلة جدًا لاتكفي لإثبات حقانية الدين ، إلا أنَّ النصارى لم
يرضوا أصلاً . كان الفرقاء – فيما يبدو – ثلاثة : المسلمين ، والنصارى ، و الهندوس
، إلا أنَّ الحوار في الواقع كان بين المسلمين والنصارى .
دراسة
المنشئ بيارى لال «واعتراض علماء المسلمين عليه:
قامَ
– بادئ ذي بدء – المنشئ «بيارى
لال»
أحد أتباع فرقة «كبير»
الهندوسية ومؤسس المعرض، وقدَّم دراسة تتلخص في أنَّ السيد «كبير»
وُلِدَ من زهرة «النيلوفر»
وفي مذهبه يُذْكر الله في النوم واليقظة ، فاعترض عليه من قِبَلِ أهل الإسلام
الشيخ محمد طاهر المعروف بـ«موتي
ميان»
أمير «شاه
جهان فور»
ومراقب المعرض : ما المراد بزهرة النيلوفر؟ ، فأجاب: «ها
هي ذي»
. ثمَّ قال الشيخ نعمان خان : إنَّ الأمور المعنوية لاتُثـْبِتُ أفضلية دينٍ ما ؛
لأن الباحث عن الدين كيف يعرف أنَّ هذا الدين يشتمل على فضائل معنوية تُعْوِز
دينًا آخر. لم يتصدَّ للردِّ على دراسته إلا هذان ، لأنَّ دعواه ودليله لم يكونا
بمكان يردّ عليهما علماءُ المسلمين والأساقفة إلا أنَّ بعض الهندوس الذين كانوا
ينتمون إلى المذاهب الهندوسية الأخرى ناقشوا المنشئ ، ولم يأت ذلك بطائلٍ.
خطبة
الأسقف «نولس» على إثبات حقانية المسيحيّة والإنجيل:
انتهت
دراسة المنشئ «بيارى
لال»
بعد قليلٍ، ثم قام الأسقف الكبير «نولس»
الإنجليزي ، وألقى خطبةً طويلة النَّفَس على إثبات حقانية المسيحيّة والإنجيل ،
وخلاصة ماجاء في خطبته أنَّ الله واحد ودينه واحد ؛ فيجب أن يُبَلَّغَ دينُه
وتعاليمه وأحكامه كلَّ واحد من النَّاس ؛ لأنَّ أوامر الملك تُبَلَّغ رعيتَه
وتُطَبَّق في مملكته . فلما رأينا الكتب فما وجدنا كتابًا من الكتب نُشِرَ
انتشارًا واسعًا ، إلا الإنجيل والكتب المقدسة ، فهي نُقِلت إلى أكثر من مئتي لغة
، فكل واحد من الناس يقدر أن يفهمها بسهولة .
على
أننا نحن النصارى لسنا كالمسلمين ننشر ديننا بالسيف ، وإنما ننشره بالود واللين
والعطف .
خطبة الشيخ
نعمان القندهاري
فلما
انتهت خطبة الأسقف «نولس»
قَامَ الشيخ نعمان بن لقمان القندهاري ، الذي كان موظَّفًا سابقًا في إمارة «لكناؤ» وكان
متقدِّم السن يناهز الستين أو السبعين خفيف الروح فَكِهَ المحاضرة ، قليل الثقافة
، نشيطاً في الردِّ على النصارى ، سمّى نفسه «المدافع عن
حظيرة دين محمد ﷺ » وقد نقش
هذا اللقب على خاتمه ، له مؤلفات في الرد على المسيحية ، ويلقي خطبًا ذات هزل و
فكاهة ، وأسوق لكم بعض الأبيات الهازلة التي جاءت في بعض كبته . ومعناها : «إنَّ باب
محمد – ﷺ – مفتوح
على مصراعيه فليدخله من شاء وإن باب جهنم مفتوح على مصراعيه فليدخله من شاء . معاذ
الله ! تزعمون أيها النصارى أنَّ عيسى – عليه السلام – ابن الله ؛ فأخبروني من
جَدُّه ؟.
وهذه
الأبيات تكفي دليلاً على أسلوب خطابته ، وهزله وفكاهته .
خلاصة
خطبته :
قامَ
الشيخ نعمان خان الذي دعا نفسه المدافع عن حظيرة دين سيدنا محمد ﷺ
، وكان بيده ورقة أو أكثر من صحيفة شمس الأخبار ، فبدأ يقرأ منها على رؤس الناس
فرِحًا طربًا . وكان خلاصة ما قالَ في خطبته : «إن
الأسقف «هنري
نارمن»
الذي كان خطيبًا مصقعًا عند النصارى قد اعتنق الإسلام، وذهبَ إلى أمريكا مسلمًا ،
فهو الآن يتلو القرآن ويدعو إليه ، ونبذ الإنجيل وراءَه ظهريًا ، فالقرآن – كذلك –
انتشر في العالم كله . فما مزية الإنجيل في انتشاره ؟»
.
وذكر
باحثًا إنجليزيًا آخر، قد نسيتُ اسمَه ، ولعله «توتي
بيلي»
فقال ناقلاً عنه: «إنَّ الإنجيل قد
اندرس من العالم في حادثٍ من الحوادث . فإن كان أمر الإنجيل كذلك فكيف نقول : إن
هذه التراجم من الأصل . وأما القرآن فهو مصون بأصله إلى اليوم. ثم إنَّ المسلمين
انتشر في العالم بقدر لم ينتشر أتباع أي دين آخر، على هذا فإن قلنا : إنَّ القرآن
انتشر في جميع أقطار الأرض ، وهو لدى جميع المسلمين في كل مكانٍ ، ومن يفهمه
ويفسره يوجد في كل مكان ، وذلك انتشار واسع ، وأما كثرة التراجم فهي لاتجدي نفعًا»
.
ردُّ
الأسقف «نولس» :
ردَّ
الأسقف «نولس»
قائلاً: «إن
أسْلَمَ الأسقف «هنري نارمَن»
فلا بأس ؛ فإنَّ إنجلترا كلها مسيحية، والذي ادَّعى فِقْدان الإنجيل فهو رجلٌ
مارِق من الدين ، لانَثِقُ بقوله .
المناقشة :
قال
الشيخ محمد قاسم النانوتوي للأسقف : «هل
تُصَدِّق هذا الحادث؟»
قال
الأسقف: لا، فقال الشيخ : «إلا
أنَّ أولي الألباب يعرفون أنَّ كونَ الحادث المتقدِّم ذكره مزوَّرًا إن لم يَقُمْ
دليلاً مفحمًا على الأسقف في بطلان المسيحية – لذلك قال الشيخ : إن كان هذا الحادث
مزوَّرًا لديك فلا يُوَجَّهُ الاعتراض عليك في فقدان الإنجيل – إلا أنَّ أولي
الأحلام والنهىٰ لايشكّون في أنَّ دعوى حقانية الإنجيل والمسيحية دعوى بلا
دليل . فإن ادّعى الأسقف أنَّ الإنجيل كتاب سماوي واستدل على حقانيته بما قال في
خطبته ، فلا ريب أنَّ هذا الحادث يجعل السامع يشكّ في حقانية الإنجيل . وأيُّ دليل
لدى الأسقف على أنَّه هو صادق والمورِّخ المتقدِّم ذكره كاذب؟ بل إنصاف ودراسة
مورخي أوربا لاسيما الإنجليز منهم أكبر دليل على صدق هذا الحادث . وما يدَّعيه
المسلمون من التحريف في الكتب المقدسة : التوراة والزبور والإنجيل ، والذي يدل
عليه ما جاء فيها يجعله هذا الحادث مؤكَّدًا ومؤيدًا .
اعتراض
الشيخ مير أحمد حسن :
ثم
قام الشيخ مير أحمد حسن وقال: «إن
كان لابدَّ للدين السماوي والكتاب السماوي من الانتشار والشيوع في أنحاء العالم
كان قول سيدنا عيسى عليه السلام خاطئًا حيث قال: «بُعِثْتُ
لإرشاد قُطْعَانِ بني إسرائيل الضالَّة»
.
إجابة
سخيفة من الأسقف :
لجأ الأسقف إلى الإجابة العقلية ردًّا على
ما قال الشيخ مير أحمد حسن ، فأجابَ إجابةً كانت غايةً في السخافة ؛ حيث قال: «من الواقع أنَّ عيسى عليه السلام بُعِثَ رسولاً إلى بني
إسرائيل خاصةً ، إلا أنه حيثما يوجد الخاص يوجد العام» واستدلَّ مشيرًا إلى ما في يده من العكَّازة فقال: «هذا خشبٌ وعكازة في وقتٍ معًا فالخشب عام والعكازة خاص» وأيَّده أحد الأساقفة الجالسين قائلاً: «قد جاء هذا البحث في شرح التهذيب أيضًا» فقال له الشيخ محمد قاسم ستبدو معرفتك بالمنطق في لحظات.
كلمة الشيخ
أحمد علي :
لقد عرف أولو الألباب من دعوى الأسقف وما استدَل
به أنّه لم يُحِرْ جوابًا ، ولم تكن الحاجة ماسةً إلى الرد على دليله ، إلا أن
الشيخ أحمد علي النكينوي أحد المحامين في محكمة «شاه جهان فور» قام وقال: «إن كان العام والخاص يتلازمان تلازمًا وجوديًا فلا بأس؛
فلكلٍ من العام والخاص أحكام منفردة ، فالإنسان عام فله أحكام منفردة ، وزيد خاص
فله أحكام منفردة أخرى . أي إن أفراد الإنسان مختلفون اختلافًا ، فهذا مؤمن وذلك
كافر وآخر مسلم أو نصراني أو حسن الخلق أو سيئه أو رجل أو امرأة أو صالح أو طالح
أو شجاع أو جبان أو جواد أو بخي
رَدُّ
الاسقف على اعتراض الشيخ السيّد أبو المنصور:
ثم قام الشيخ السيد أبو المنصور الذي كان
من كبار محاوري أهل الكتاب والذي لم يكن له نظير في الردِّ عليهم ، وقال: «إن كانت كثرة الترجمات بهذا القدر دليلاً على كون الإنجيل
كتابًا سماويًا نقول إنَّ الإنجيل لم يكن كتابًا سماويًا قبل القرن الثامن عشر
لأنَّ ترجمات الإنجيل قد كثرت في هذا القرن ، وإن كان الإنجيل كتابًا سماويًا من
بداية أمره ، فذلك يُتَصَوَّر لكل كتاب في القرن الثامن عشر.
لم
يزد الأسقف على أن قال : «نعم
إنَّ الترجمات قد كثرت في القرن الثامن عشر . إلا أن عددًا لابأس به من الترجمات
كان قبل القرن الثامن عشر، فلم يكن هذا ردًّا على الاعتراض ، وإنما كان اعترافًا
بصحته .
حوار بين
الشيخ ميرزا موَحِّد والأسقف :
ثم قام الشيخ ميرزا موحِّد الجالندهري الذي
كان رجلاً شريفًا وكان من المبرِّزين في الردِّ على النصارى وسأل الأسقف ما المراد
بانتشار الإنجيل وشيوعه ؟ أهو انتشار جسماني أم انتشار روحي ؟ ولعلَّ غرضه من وراء
إثارة هذا السؤال أنَّ الأساقفة لايسلِّمون بالأحكام الجسمانية في دين عيسى عليه
السلام ، وأما الانتشار الروحي فلا أثر له على النصارى كذلك ؛ لأنهم لو اتبعوا
عيسى عليه السلام اتباعًا روحيًا لقدروا على مباشرة ما قام به عيسى عليه السلام .
أذكر أنَّ الأسقف أقرَّ بالانتشار الروحي ، ولا أذكر ما رَدَّ به عليه الشيخ ميرزا
موَحِّد .
*
* *
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محرم – صفر 1427هـ =
فبراير – مارس 2006م ، العـدد : 1–2 ، السنـة : 30.